الاحداث- كتب فؤاد بدي في صحيفة الاخبار يقول:"أعدّ مجلس الخدمة المدنية، مشروعاً يدخل تعديلات على رواتب العاملين في القطاع العام ويقسّطها ويعدّل في بنية النظام التقاعدي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي ومع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (OECD)، بالإضافة إلى الجهة المكلّفة من مجلس الوزراء «سيغما». ورغم أنّ المشروع يؤمّن للعاملين في 2030 إستعادة 75% ممّا كانت عليه رواتبهم في 2019، إلا أنه يخضع نظام التقاعد لتعديلات بنيوية مطلوبة من الجهات الخارجية.
ترفض رئيسة مجلس الخدمة المدنية نسرين مشموشي، في حديث إلى «الأخبار»، أن تطلق على مشروع «سلسلة رتب ورواتب جديدة» التي «تحتاج إلى توصيف وظيفي جديد، تُحدّد فيه المسؤوليات والمهام، ويُبنى على أسس موضوعية وعملية»، بل هو وفق توصيفها «زيادة موضوعية على رواتب وأجور العاملين في القطاع العام، تهدف إلى الوصول إلى الانتظام، وإشعار الموظف بالأمان والثبات، فضلاً عن إصلاح أوضاع تعويضات الصرف للأجراء والمتعاقدين، والتي تحتسب على أساس الراتب من دون الزيادات عليه».
وهذه الزيادات مرتبطة بمدى زمني يمتدّ إلى خمس سنوات تبدأ في 2027، بالإضافة إلى تعديلات في تعويضات الصرف والتقاعد مرتبطة بما هو مطلوب من البنك الدولي.
انتظام العمل في القطاع العام، كما ترى مشموشي، لا يتحقّق عبر مضاعفة أساس راتب العاملين في القطاع العام 46 مرّة بشكل تدريجي. لكنها لا تشير إلى أنّ العاملين في القطاع العام لن يحصلوا على هذا الأمر مجاناً، لأنّ الحكومة اللبنانية ليست شريكاً حصرياً في هذا المشروع، بل فيها عدد آخر من الشركاء يبدون الرأي فيه ويطلبون تعديلات تتناسب مع مؤشّرات محدّدة من قبلهم.
لذا لن يكون مفاجئاً بأنّ النظام التقاعدي هو أول المستهدفين بـ«الإصلاحات» المرتقبة. لا سيّما أنّ البنك الدولي، سبق أن قدّم في أيام وزير العمل السابق كميل بوسليمان، اقتراحاً بإجراء تعديلات جذرية على بنية هذا القطاع. فمن اللافت أنّ هذه التعديلات بدأت تظهر اليوم على شكل مشروع رسمي.
وبحسب مشموشي، سيخفّض المشروع، المعاش التقاعدي من 85% من آخر راتب للموظف، إلى 70%، علماً بأنّ البنك الدولي اقترح خفضه إلى 50%.
وسيشمل هذا الخفض الوافدين الجدد إلى الوظيفة العامة بعد إقرار القانون، وسيؤدّي إلى رفع سنّ التقاعد لجميع العاملين في القطاع العام من 64 سنة إلى 66 سنة. وهذه النقطة أساسية وفقاً لمشموشي، «كي نتمكّن من نقل المعرفة التي يجب أن تترافق مع التوظيف الجديد، فبسبب وقف التوظيف، الهوّة العمرية ستكون كبيرة جدّاً بين الموظفين الجدد والمقبلين على التقاعد، ولن تسمح بنقل سلس للخبرات».
خفض المعاش التقاعدي من 85% من راتب الموظف إلى 70%
وتعتقد مشموشي، أنّ النسخة الحالية من مشروع قانون تعديل رواتب وأجور العاملين في القطاع العام «غير مقدّسة وقابلة للتعديل»، وهذا ما يوجب «الإجابة على عدّة أسئلة من أبرزها آليّات الزيادة مثلاً. فهل نرفع الرواتب بمقدار ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة، أم نأخذ أرقام التضخّم كمعيار؟».
لذا، تقول مشموشي، «إلى جانب الخبراء الدوليين واللبنانيين، تواصلنا مع مدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر، وحدّدنا معه كيفية احتساب سعر السلّة الغذائية، وأخذنا بالاعتبار كلفة التعليم على الأُسر». من بعدها، صدر تكليف من مجلس الوزراء لمجلس الخدمة المدنية بإعداد المشروع، وذلك كان قبل الحرب الإسرائيلية على لبنان.
لاحقاً، جرى تواصل بين المجلس ووزارة المال ومصرف لبنان، وتشكّل فريق مؤلّف من مدير عام المالية ومدير الواردات ومدير الصرفيات ومندوب عن مصرف لبنان ومجلس الخدمة المدنية لإعداد المشروع. وبحسب مشموشي، ساعد هذا الفريق في رسم سيناريوهات الأرقام على نتائج الخزينة العامة.
وبعد دراسة الموازنة «تقرّر الالتزام بألّا تشكّل الرواتب والأجور من إجمالي النفقات في الموازنة أكثر من 43% كما هي عليه الآن (مجموع الرواتب والتعويضات والمنافع الاجتماعية الأخرى)»، وتفسّر على أي أساس احتسبت آليّة مضاعفة الرواتب: «اعتماد مضاعفة الراتب 46 مرّة اعتمدت لأنّ الحكومة ضاعفت الضرائب والرسوم بالقيمة ذاتها في موازنة عام 2024، على أن تكون الزيادة تدريجية حتى لا تحمّل الخزينة أعباء كبيرة». لكن كان يفترض أن تطبّق هذه الزيادة اعتباراً من 2025 لكن «الحكومة طلبت تأجيل التطبيق حتى نهاية عام 2026 ليكون لديها تصور واضح عن الوضع المالي».
«قيمة المقترح الجديد أنّ قاعدة الزيادات ستطبّق على كلّ العاملين والموظفين في القطاع العام، من موظف الإدارة، إلى القضاة والعسكريين، وصولاً إلى رئيس الجمهورية والنواب والوزراء»، تقول مشموشي. وهذه «القاعدة الاجتماعية ستوقف الزيادات الإضافية من الصناديق الجانبية، إذ من حقّنا المطالبة بزيادة واحدة لكلّ من يتقاضى مالاً عاماً، تحفظ حقوق الأجراء المهدورة، وتضع نصوصاً إصلاحية لتعويضات الصرف التي تهاوت قيمتها».
والفرق بين هذا المشروع، وبين إصدار «سلسلة رتب ورواتب جديدة» ينطلق من أنّ الأخيرة تتطلّب «الارتكاز على أسس علمية وموضوعية تأخذ بالاعتبار التوصيف الوظيفي والمسؤوليات والمهام المطلوبة من الموظفين والمخاطر التي يتعرّضون إليها قبل رسم سلسلة جديدة».
إلغاء 2600 وظيفة فوراً
تقترح رئيسة مجلس الخدمة المدنية نسرين مشموشي إلغاء 2600 وظيفة لم تعد صالحة ضمن الهيكل الوظيفي الرسمي، فضلاً عن وجود «توظيف عشوائي، وبمسمّيات غريبة». ومبرّرات هذا الأمر «عدم وجود أعمدة الإصلاح الإداري، وأهمّها التوصيف الوظيفي، إذ عند تعيين الموظف لا يُعرف ما المطلوب منه. وهذا يحصل الآن، إذ نقوم بتعيين موظفي الفئة الأولى، ولا توصيف وظيفياً لهم».
لذا، «قام مجلس الخدمة المدنية بتوزيع المجالات الوظيفية، وقسّمها إلى 22 مجالاً و135 عائلة وظيفية، ووزّع الوظائف على أساسها». وعلى أساس ذلك «أرسلت إلى الحكومة الأسبوع الماضي مشروع قانون لإلغاء هذه الوظائف الـ2600، على أن ينقل العاملون في هذه الوظائف ليشغلوا وظائف أخرى. ومن الوظائف المطلوب إلغاؤها: مأمور هاتف، مستكتب أول، مستكتب ثان، معاون مترجم، وكيل ورشة، معاون محاسب، كاتب». أمّا الهدف الأوسع من المشروع فهو «تنزيل وظائف الدولة 10 آلاف وظيفة، من أصل 28 ألفاً».